النذر بين الاستحباب والكراهية
النَّذر هو أن يُكلِّف الإنسان نفسه بأمر يوجبه على نفسه، لم يوجبه عليه الشرع، كأن يقول: “نذرت على نفسي أن أفعل كذا”، وفي التعريف الاصطلاحي للنذر:”هو إلزام مكلف مختار نفسَهُ لله تعالى شيئًا غيرَ لازم بأصل الشرع بكل قول يدل عليه”، وحكم النذر من المسائل الفقهيَّة التي اختلف عليها العلماء، فهم على أنَّ النذر بين الاستحباب والكراهية، والذي ذهب إليه الحنابلة أنَّ النذر مكروه؛ لأنَّه تكليفٌ للنفس بشيء غير واجب عليها، أما المالكية فقالوا إذا كان الأمر الذي أوجبه الناذر على نفسه شكرًا لله تعالى فهو مستحب، وذهب الحنفية إلى أنَّ النذر الصحيح قربة وطاعة مشروعة، ولذلك من نذر نذرًا عليه الوفاء به، إلا إذا كان هذا النذر معصية فلا يوفي به.[1]
ما هي أركان النذر وشروطه؟
للنذر ثلاثة أركان؛ الناذر، والمنذور، وصيغة النذر. أما شروط النذر فهي كالآتي:[2]
- أن يكون الناذر بالغًا عاقلًا، فمن كان صغيرًا أو مجنونًا فلا يصح نذره.
- أن يكون الناذر مسلمًا، وهذا شرط عند الإمامين مالك وأبو حنيفة.
- أن يكون الناذر مختارًا غير مكرهًأ.
- أن لا يكون الأمر المنذور به واجبًا، لأنه واجب عليه دون أن ينذر.
- أن لا يكون المنذور أمرًا مستحيلًا.
- أن يلفظ فيه بالقول، ولا يكفي فيه مجرد النية.
ما هي أقسام النذر؟
ذكر العلماء أنَّ للنذر أقسامًا متعددة، فيما يلي ذكر لها:[3]
- نذر الطاعة والتبرر، وهو أن يلزم الناذر نفسه بطاعة لأجل نعمة حصلت له، كأن يقول: إن شفاني الله؛ فلله علي أن أصوم شهرًا”، ومثل هذا النذر يجب الوفاء به.
- نذر اللجاج والغصب، وهو تعليق الناذر فعله على شرط، إذا تحقق يوفي بالنذر، وهذا النوع من النذر يَخرج مَخرج اليمين، أي أنَّ الناذر مُخيَّر بأن يوفي بالنذر أو يُخرج كفارة اليمين.
- النذر المطلق، أي أن يقول “لله علي نذر” ولا يُسمِّ شيئًا، وهذا تجب فيه كفارة اليمين.
- النذر المباح، أن يلزم الناذر نفسه بشيء مباح، فهو بين الوفاء به، وكفارة اليمين مخير.
- نذر المكروه، مثل نذر الطلاق، وهذا يستحب أن يكفر عنه بكفارة اليمين أو يوفي به، ولا إثم عليه ولا كفارة إن وفى به.
- نذر المعصية، مثل أن ينذر أن يشرب خمرة أو يسرق؛ وهذا النوع قطعًا لا يجوز الوفاء به، بإجماع العلماء.
ما هي كفارة النذر؟
يقول سبحانه وتعالى:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً}(الإنسان:7)، لذلك يجب على الإنسان أن يوفى بنذره، إلا إذا كان منذرًا بمعصية فلا يوفي به، ولكن من كان لا يستطيع أن يوفي بنذره بأي شكل كان فعليه كفارة اليمين، أو يريد أن يخرج نذره مخرج كفارة اليمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا لم يجد، فصيام ثلاثة أيام.[4]